روايه جاسر الجديده وكامله
المحتويات
وأخرج من سترته علبة مخملية صغيرة ومد يده نحو سالي التي كانت تراقب الموقف بصمت مهيب وهو يقول
.. اتفضلي يا بنتي دي حاجة بسيطة
تناولت منه سالي العلبة بتوجس وقالت بخجل مضاعف
.. مکنش ليه لزوم حضرتك تكلف روحك
قال الأب بسعادة مفرطة
.. لا ده ندر على الحاجة أم كريم الله يرحمها ووصتني هيا عليه كانت نادرة تلبسها لعروسته بإيديها اعذريني بقا راجل عجوز ومكحكح مش هعرف ألبسهالك بإيدي
.. طب مش كنت تقولي أنا أعرف ألبسهالها ضحك الجميع وتوردت وجنتا سالي بحمرة الخجل وفتحت العلبة لتطالع سلسالا ذهبيا رفيعا وتتدلى منه حلية خطت بخط عثماني ماشاء الله محلاة بفصوص رقيقة ورغم بساطة الهدية بالمقارنة بالمجوهرات الباهظة التي كان يهديها لها جاسر في الماضي إلا أنها لمست داخل قلبها وترا حساسا جعلت ضميرها يأن ۏجعا إذ أنها في أعمق لحظاتها مع کریم تفکر بسواه وتعقد لا إراديا مقارنة بين ماحمله لها والده البسيط وما كان يحمله لها جاسر في الماضي زجرت نفسها إذ أنها لم تكن طامعة يوما بمال ونفوذ ويكفيها المشاعر الصادقة التي تحملها تلك الهدية فوضعتها بسعادة وقالت
وعلى الرغم من مراسم الاحتفال والسعادة المرتسمة على ملامح علی کریم ووالده بوضوح إلا أن مجيدة بدأت تستشعر أن ظلال الذنب تقتات على راحة قلبها خاصة وهي تراقب تشتت وضياع ابنتها وقلبها يحدثها أنها في تلك اللحظة بالتحديد لا تفكر إلا بسواه فقالت
.. مبروك يا كريم يابني مبروك ياسالي والله ياحاج مصطفی إحنا اتشرفنا بكم أووى وكفاية كرم أخلاقكم
.. أنا الفرحة مش سيعاني أول ماكريم قالي يا بابا أنا نويت أخطب وأنا جريت أحضر البدلة وأرتب أموري وقولتله على بركة الله دي أكيد بنت حلال مصفي اللي عرفت تقنعك بعش الزوجية المحترم
ضحك معتصم ساخرا
.. یعني حضرتك یادکتور کنت مضرب عن الجواز
الټفت
له کریم وقال
.. مش بالظبط إضراب لكني كنت شايف أنه مشروع العمر ولازم الواحد يتمهل فيه
.. وميهمكش في نفس الوقت ظروف سالي الإجتماعية إيه اعذرني لكن سالي زي أختي بالظبط وأحب إني اتطمن عليها رمقته مجيدة بنظرة مشټعلة
ابتسم کریم وتولي الحاج مصطفی الرد بالنيابة عنه ضاحكا
.. نفس ظروفي أنا والحاجة الله يرحمها كانت أول نصيبي وكان سبقلها الزواج والحمد لله مانجحتش عيشت معاها أسعد أيام حياتي واللي مصبرني على فراقها كريم ابني حته منها
.. أظن يا أستاذ معتصم من الناحية دي بالذات لازم تكون متطمن وبعدين أنا برتبط بإنسانه مش کشف هيئة ولا خانة في بطاقة
قالت سیرین بلطف
.. ماشاء الله يا دكتور ياريت كل الناس بعقلية متفتحة زي حضرتك
فتح الباب قليلا ليطالع صغاره النيام في تلك الساعة المتأخرة من الليل ولكن ما اجتذب أنظاره فراش سليم الخاوي فقفز قلبه هلعا واتجه للفراش ليقطع الشك باليقين يقين أخبره أنه ابنه ليس بفراشه ولكن أين عساه أن يكون خرج من الغرفة بهدوء على قدر المستطاع وسرعان ما هدأت دقات قلبه الملتاعة إذ لمح ضوءا يتسلل من خلف الباب الموصد لحجرة والدته رحمها الله فاتجه نحوها وفتح الباب بقوة ليجد ابنه منزوي بركنها الأقصى يبكي في صمت فهتف بقلب يرتجف وقدماه تستبق الرقعات الرخامية لتصل إليه وجثا على ركبتيه وتلقفه بأحضانه
سايب أوضتك وقاعد هنا ليه وبتعيط فأبعده الصغير بقوة وانزوى بأحضان جسده الضئيل بعيدا عنه وهو يقول بخشونة تناسب غضبه الطفولي
.. أنا كويس ومش بيعيط الراجل مش بيعيط
وما تعريف الهزيمة أهي بكاء الرجال أم عجز أب إحتواء صغيره والتقرب منه تنهد جاسر متعبا ودعك خلايا وجهه المتغضنة وقال راجيا
.. طب قولي مالك يمكن أقدر أساعدك!
ونظرة الصغير المشبعة بالإتهام الصريح والقسۏة المتعاظمة بأضلعه حرقته قبل أن تشعل كلماته المزيد من النيران في صدره
.. ماما هتتجوز ومش هترجع زي ما كنت بتقولنا
هل أهتزت الأرض من تحته أم أنه فقد إتزانه فقط بوقع تلك الكلمات التي أشعلت الرماد بعيناه فصارت حريقا لا يمكن السيطرة عليه رغم نبرة صوته الجامدة
.. أنت جيبت الكلام ده منين
قام الصغير وأشرف على جسد والده الضخم قائلا بثقة من يلقي الذنب عن عاتقه ويحمله له کاملا
.. قالتلنا النهاردة أنها هتتجوز عمو کریم
قام جاسد بفوران مشاعره الفياضة وقال على أمل أن ينفي الصغير شكوكه ويمحو مخاوفه
.. مین عمو کریم
سار سليم للخارج وكأنه لم يستمع له واستدار قبل أن يغيب عن ناظریه
.. الدكتور صاحب المركز اللي بتشتغل فيه
وتسارعت الصور أمام عيناه والمصدر ذاكرته القريبة واللعڼة على كل شيء خرج من غرفة والدته واتجه بسرعة البرق نحو مكتبه فتح شاشة الحاسوب ومضى يدق بسرعة على أزرار البحث عن مركز الأسنان بالعنوان الذي يحفظه عن ظهر قلب حتى ظهر له نتيجة بحثه
متابعة القراءة