روايه جاسر الجديده وكامله
المحتويات
مذعنا
.. الخميس بالليل هاخدهم أنا يباتوا معاها وأرجع أخدهم السبت آخر النهار کویس کده
هزت له أمه رأسها راضية وراقبت انصرافه بأنفاس لاهثة بعض الشيء فرفعت البخاخة التي تستعملها من حين لآخر عندما تعجز عن التنفس لتستنشق ذرات العقار بتعب
حياه موظف الأمن بالبناية الضخمة بحرارة واتجه بعدها للمصعد وصعد للطابق الذي يحوي شقته أو ما كانت يوما دفع الباب ودلف وهو يتمتم ساخرا
فتح النوافذ ومضى نحو غرفة النوم ومضى يقذف أمتعه بإهمال في الحقيبة التي كان يحملها وبطفولية تجري في عروقه اتجه نحو خزانتها يعبث بمحتوياتها مستمتعا فهو يعلم أنها تشتاط ڠضبا من تلك الأفعال الصبيانية خاصته وأثناء عبثه اصطدمت يده بصندوق مخبأ بين أمتعتها فعبس ومد يده ليقحمها كليا حتى استخرج صندوقا من ورق مقوى فتحه وأخذ ينشر محتوياته على الفراش حتى عثر على مظروف أبيض خط على رأسه اسم أحد المعامل الشهيرة بالبلد وتحتها اسمه کاملا فاستخرج الأوراق الطبية منه ليطالعه بأعين يائسة ولم يفقه شيئا منه فحمله ووضعه في جيب سترته الداخلي وعاد لينظم أمتعتها من جديد وأعاد كل شيء لمكانه حتى الصندوق وضعه تماما حيث كان فهو برغم كل مساوئه إلا إنه يتمتع بذاكرة فولاذية من صغره كان يعشق مشاهدة تلك اللعبة ويشعر بسعادة بالغة في رؤية أحجار الدومينو المتراصة ذات اللونين الأبيض والأسود تتساقط حجرا تلو الآخر بتتابع مثير للاهتمام لتنتهي لتلك الفوضى الرائعة بعكس أخيه الأكبر الذي كان يراها لعبة سخيفة إذ يبذل لاعبيها جهدا فائقا برص تلك الأحجار المتناغمة برقعة واسعة للغاية قد تصل لأمتار وتتطلب منهم جهدا خرافيا وساعات من العمل الدؤوب وأيام طويلة ينهيها أحدهم بإيقاع حجر واحد فتسقط بقية الأحجار بالتتابع فما فائدة البناء إن كان بالنهاية مصيره الهدم وكيف الحصول على اللذة بالسقوط والخسارة ولأول مرة بحياته يراه محقا إذ تتوالى أركان حياته بالسقوط حجرا تلو الآخر وكأنما کیانه يفقد جزءا بعد جزء والسقف الذي كان يحميه يخر على رأسه فمنذ قليل خرج من عيادة طبيب الخصوبة الذي زاره منذ أربعة أعوام منصرمة والذي ما أن رآه وبحوزته ذاك المظروف الذي أخرج محتوياته ونثرها أمامه مطالبا بتفسير حتى ابيضت معالمه وأقر بالحقيقة كاملة وأخبره أنه لم يقصد إلحاق الضرر به بل كانت تلك رغبة زوجته فهي من رجته بإبقاء الأمر سرا بينهما كي لا ټجرح مشاعره وتشعره بأي نقص فكذب عليه وأخبره وقتها أنهما الإثنان بخير ولا شيء يحول دون إنجابهما لطفل سوى أن إرادة الله لم تحل بعد واليوم سقط ذاك السقف الواهي الذي شيدته آشري بمفردها وبات يشعر بالنقص فهو من يعجز عن منحها طفلا ورغم ذلك لم يتوانى عن أذيتها بالكلمات المهينة كلما أراد إفتعال شجارا وإلصاق التهم بها للفرار من أحد مصائبه السوداء على حد تعبير أسامة وإلقاء
اللوم عليها بفشل زيجتهما. وتوقفت قداماه عن السير دون هدى عندما تعالی رنين هاتفه ورای اسم أخيه يلمع في الظلام الذي يحيطه رغم سطوع شمس الظهيرة فرد قائلا بصوت متحشرج
.. أيوه خير يا أسامة !
أتاه صوت أخيه قلقا
.. مالك یا زیاد
فرد بصوت تائه
.. مافيش خیر عاوز إيه
عبس أسامة وقال
.. ماما عاوزانا على العشا الليلة ما تتأخرش
.. حاضر سلام
وضع الهاتف بجيب سترته والټفت حوله يبحث عن سيارته فوجدها على بعد أمتار خلفه فعاد بخطوات حاسمة نحوها ثم انطلق بها حتى عاد مرة أخرى لشقتهما فتلك المواجهة يجب أن تتم
رغم أنه لم يستمع لأي من أغاني المطرب الراحل عبد الحليم حافظ منذ فترة لا بأس بها إلا أن ذاك اللحن الشهير لأغنيته أي دمعة حزن لا يكاد لا يفارق رأسه تأمل كلمات الأغنية الساحرة فسخر من نفس لتعلقه السخيف بأذيال لحنها فهو لم يداويه الزمن بعد وما يشعر به أبعد ما يكون عن معاني الحب السامية هو فقط يستمتع بمشاكسة درية من حين لآخر فكأنما تلقي في حياته الراكدة حجرا صلدا يثير تموجات تشعره أنه لازال على قيد الحياة وعندما يسأم من تلك اللعبة ينتقل للعبة القط والفأر مع الطبيبة الحسناء. ولكن ما يؤرق ضميره شعوره بالنفاق إذ عين نفسه قاضيا وجلادا على أخيه الأكبر ووصيا على حياة الأصغر وهو الذي يخلد لفراشه ليلا بمهدئات تساعده على نيل قسط من النوم والراحة ومع ذلك يتيه بأحلام تجمعه بصغيرته وزوجته الراحلة وأعظم ما يقاسيه خلال تلك الغفوة المتقطعة نظرة اللوم بعيناها فيستيقظ في اليوم التالي عازما على الإستقامة بحياته وفرض تلك الإستقامة على الآخرين حوله ولكنه سرعان ما يشعر بالعجز والوحدة فيعود تائها متخبطا بين تلك اللعبتان وها هي أقدامه تسوقه نحو من تلقي نحوه دوما بالأحجار أنظارها منصرفه عن الحاسوب لشيء ما بالأسفل وعندما اقترب أكثر ارتسمت ابتسامة واسعة على محياه وهو يطالع الصغير المشاكس قائلا
.. أيهم بيه عندنا يا مرحبا يا مرحبا
رفعت دریه له رأسها وقالت
متابعة القراءة