روايه جاسر الجديده وكامله
المحتويات
الخجل تعلو وجنتيها رغما عنها لأول مرة منذ وقت بعيد والسبب ليس فقط معنيا بباقة الزهور الرقيقة التي كان يحملها ولا أيضا بهيئته المٹيرة ببذلته الكلاسيكية دون ربطة عنق ولكن نظرة عيناه الجريئة المعلقة بها وحدها كانت الدافع الأقوى شکرت آشري مديرة أعمالها بصوت أبح وتابعت بأنفاس متلاحقة
.. ویاتری لازمته إيه الورد
.. عيد الربيع
ضحكت رغما عنها وقالت بعبس زائف
.. لسه زي ما أنت متغيرتش
اقترب بقوة حتى أصبح على بعد سنتيمترات قليلة وقال بأنفاس ساخنة
.. فيه حاجات إستحالة تتغير فيا يا آشري واعترفي أنها من مميزاتي
هزت رأسها بإذعان لطالما كان بارعا في فنون الغزل والتقرب من المرأة بشكل عام وحمقاء من ترفض غزل رجل جذاب مثله وأكثر حماقة من ترفض باقة زهور مدت يدها وتناولتها منه برفق ووضعتها برقة فوق سطح مكتبها وقالت بعيون لامعة
اقترب مرة ثانية ولكن منحها مساحة أوسع قائلا برجاء
.. فعلا لأنه حتی ده قليل عليك بس أنت إديني فرصة أعوضك على اللي فات
نظرت له والألم يعود ليقتات من فرحتها
.. مش هستحمل ۏجع تاني یا زیاد
اقترب أكثر وبنبرة أكثر دفئا وحنانا قال
.. إستحالة الۏجع كله من نصيب قلبي وأنا بعيد عنك
.. ممكن تيجي معايا
رفعت له رأسها بأنفاس متهدجة
.. على فين
ابتسم وهو يقول
.. يعني مجتيش حفلة الإفتتاح قلت أعملك حفلة على الضيق أنا وأنت نتغدی سوا وتشوفي المكان
وكيف بإمكانها الرفض وعيناه تبتسم له وملامح وجهه تنطق بالفخر لكأنما طفل صغير أنجز واجبه على أكمل وجه خاېفة أكون بظلمك رسالة مكونة من ثلاث كلمات لم تحمل وعدا ولا ردا بنعم كما يحلم ولكنها رسمت إبتسامة واسعة على فمه ومضى بأنامل ثابتة يخط عبارته التي تحمل صدق قلبه ومشاعره الظلم بعينه أنك تبعديني عنك ولم تلقي رسالته سوی بمزيدا من الخۏف بداخلها فتنهدت بتعب حتى أتاها رنين الهاتف ليزيد من أرق مضجعها فردت بصوت مرتجف ولم يمنحها حتى فرصة إلقاء التحية عليه وقال
اعترضت
.. کریم أنت بتستعجل أوي
رد قاطعا شكوكها
.. ما أنت بتهربي يا سالي خلينا نجرب سوا قوليلي إيه اللي هنخسره وبعدين دي مجرد خطوبة هوا أنا بقولك هجيب المأذون وآجي
ظلت صامتة لوقت طويل حتى قالت
.. طب خليها آخر الأسبوع أكون حتى اتكلمت مع الولاد
.. هاتيهم بكرة النادي يا هربانة ونتعرف على بعض يكون أفضل
ابتسمت رغما عنها وقالت
.. ماشي بس متكلمهومش في حاجة
هز رأسه وقال مطمئنا
.. متقلقيش مش عاوزك
تشيلي هم حاجة وأنا جمبك
عاد لمكتبه بعد إنقطاع عن العمل دام أياما متتالية ليس هربا ولكنه كان تائها بالفعل فبعد أن ودعها عاد لمنزله وغرق بألبوم صور وذكريات تقبع به وهاهو معلقا بين ماض وحاضر مشتت حتى نفض عنه الكسل صباح اليوم وتناول فطورا سريعا وهاهو يمارس مهام عمله الروتيني بشيء من الملل يصارع رغبة ساقيه في المضي نحو الطابق الأخير وريثما كان غارقا بدوامته الغير مستقرة دلفت تلك الفتاة التي لايدرك من معالمها سوى شعرها الفقير بشقرته وهي تضع بنعومة فائقة أوراقا مكتبيه تتطلب توقيعه وقالت بصوتها الرفيع وهي تحمل مغلفا أصفر اللون
تناوله منها عابسا وقال
.. هوا مجاش النهاردة
هزت رأسها نافية
.. لاء
ومضت مرة أخرى نحو الخارج حتى توقفت لتقول بمكر
.. ولا الأستاذة درية
رفع لها عيناه بحيرة ولكن الورقة التي كانت بداخل المظروف تحمل تفسيرا منطقيا مما جعل الڠضب يشتعل برأسه فكيف يقبل جاسر بإستقالتها دون الرجوع إليه ومالذي حدث ليدفعها لترك العمل قام وحمل سترته واتجه للباب وكاد أن يصطدم بجسد أخيه الضخم فهتف به حانقا
.. هوا أنا آخر من يعلم في الشركة دي ولا إيه
فابتسم له جاسر بسماجة وقال ليزيد من غيظه
.. طبيعي هوا أنت بتيجي
زعق به غير مباليا
.. وحتى لو مجتش في أمور المفروض ترجعلي فيها
رفع جاسر حاجبيه بتهكم وقال ساخرا
.. المفروض إني أرجعلك بخصوص سكرتيرة مكتبي جديدة دي ما تيجي تنقيلي ألبس إيه بالمرة
أغلق أسامة الباب وقال بحدة وهو يرخي ربطة عنقه بضيق قائلا
.. جاسر أنا مش ناقصك درية استقالت ليه
ظل جاسر صامتا يراقب أخيه الذي يغلي ويزيد من فرط انفعاله حتى جلس بهدوء ودون أن يرفع أنظاره إليه قال ببرود
.. أصلها هتتجوز
هتف أسامة بحنق مخټنق
.. نعم
ضاقت عينا جاسر وهو يتابع ثورة أخيه
.. عقيد متقاعد في الجيش
هتف أسامة بغيظ
.. برضه البأف ده إياه
تبسم جاسر رغما عنه وقال
.. مشفتوش الصراحة لكن ده طالما رأيك فيه يبقى أكيد راجل محترم
نظر له أسامة بعيون محترقة
.. نعم يا أخويا أنت معايا ولا معاه
ضحك جاسر رغما عنه وقال وهو يدعي البراءة
.. معاك طبعا بس على مين
توترت أوصال أخيه
متابعة القراءة