روايه جاسر الجديده وكامله
المحتويات
ولا تهدأ تكاد تستمع لكلماتهن ينبذونها من وراء ظهرها بعضهن تحدثن بجرأة عن فقدان وزنها إثر عملية جراحية قامت بها بعد أن حصلت على أموال طائلة من الأكبر المنكوب في أمه والآخريات تشدقن بألسنة حداد عن جحود الأمهات في ذلك الزمن الغابر والذي جعلها تترك فلذة كبدها لتعيش حياتها بحرية كلمات وأحاديث لاتمت لرهبة وعظم المشهد بصلة تنالها وتتلقاها بظهرها وقلبها يأن ۏجعا وترسم إبتسامة ودودة بمقابل وجوههن المنافقة التي تحييها على عملها النبيل تجاه الراحلة وتلك الحية تراقبها بأعين كالصقر تخشى أن تغيب عن ناظريها وتستأثر بطيف من كان يوما زوجها فبكلمة واحدة لا بل بلمسة واحدة أو بإشارة يعيدها اليوم قبل أن تغيب شمسه لعصمته وداخلها يشتعل بالغيرة فالبدينة ماعادت بدينة وردائها المحتشم المكون من قطعتين ينحسر عن خصر رشیق وأرداف مثالية والأسود يليق بشحوب وجهها الخالي من مساحيق الزينة بعكسها وبشدة واختارت اللحظة الملائمة عندما عادت سالي للسكون بأحد المقاعد القريبة من درية قائلة للنسوة حولها بصوت عذب يصيب سمع المحيطين بأجمعهم وهي تحيط بكفيها حدود رحمها المسطح
فشهقت المرأة التي تجاورها
.. مبروك يا حبيبتي ألف مبروك سبحانك يارب ليه حكمة أكيد
والتفتت سالي تراقب ذاك الجمع المفترض به حزينا فإذا به ينبعث بالتهاني لتلك التي يرونها لأول مرة بحياتهم متناسين القريبة التي وارها الثرى كأنها لم تكن يوما ! وطعڼة أخرى تقبلتها بهدوء وارتسمت على وجهها إبتسامة كإبتسامة الموناليزا أثارت حيرة وڠضبا وحنقا داخل الزوجة السعيدة بنبأ حملها فقامت لتنصرف بعد أن أدت مهمتها التي كانت تتوق لها منذ بداية النهار على أكمل وجه وهي تقول بصوت منهك
فردت إحداهن
.. روحي ياحبيتي إرتاحي ربنا يتمملك على خير
وما أن اختفت حتى قالت أخرى وهي ا
.. ياشيخة وليها عين دي قدمها قدم شوم
واكتفت سالي بهذا القدر من النفاق غريبة هي وسطهن وداخلها كرجل يستظل بجدار وسط الصحارى ففقده إثر هبوب رياح أطاحت به وبكل ما يحيطه أو كطفل فقد أمه فطفق يبحث عنها بظلام الليل تحت زخات مطر منهمر ولم يجدها وتحت إلحاح من درية التي طالبتها بالانصراف فهي تبدو متعبة للغاية وطمأنتها أنها ستقوم بالواجب انصاعت مرحبة بهذا العرض فهي بحاجة لاستنشاق الهواء النظيف بعيدا عن زفرات الكذب والنفاق وانصرفت
لغرفة أطفالها الساكنين واحتمت بأحضانهم حتى قالت سلمى بعيون واسعة ملئت رجاءا
.. هتباتي معانا يا ماما أنا خاېفة متسيبناش لوحدنا
فهزت سالي رأسها نافية وقالت بعزم لن يردعه أحد على ظهر الخليقة
.. هتيجوا تباتوا معايا عند تیته مجيدة
فأشرقت وجوه أطفالها وقالت لهم بعد برهة وهي تحمل بعضا من متاعهم
.. يالا بينا
.. سالي أنا مش عارف أشكرك إزاي على وقفتك دی
هزت سالي رأسها لتنكر فضلا لم يكن إلا واجبا بالأساس
.. إحنا أهل يا أسامة وهيا كانت زي أمي بالظبط الله يرحمها
هز أسامة رأسه وهو يكبح دموعه فطرد بعضا من أنفاسه الخشنة وقال راجيا
.. سالي أنا ليا عندك رجاء
.. سلیم خد أختك وروح أقعد هناك
أطاع سلیم رغبة عمه والټفت أسامة مرة أخرى بعد أن ابتعدا الصغار وقال وهو يضع كفه على صدره راجيا
.. خليها عليا المرادي هوا محتاجك بس بيقاوح عشان خاطر الولاد يا سالي
نظرت له سالي وقالت وهي تقر الحقائق أمامه
فرد أسامة مصعوقا بالخبر الذي لم يتوقعه بالمرة
.. حامل ! أنت متأكدة يا سالي
أخفضت ناظريها وهي توما برأسها بالإيجاب وقالت ساخرة
.. هيا كانت أكتر من حريصة عشان توصلي الخبر وأكيد حقيقي وعموما خلاص دي صفحة وانطوت
والټفت لأطفالها المنتظرين لإشارة منها وهمست بأعين أغروقت بالدموع
.. وكفاية ۏجع لحد كدة أنا معملتش اللي أستاهل عليه كل ده
زم أسامة شفتيه وهز رأسه وهو يقول مؤكدا بحق
.. أنت تستاهلي كل خير يا سالي أنا هخلي السواق يوصلكوا مينفعش تمشي بيهم والدنيا ليل كده لوحدكوا
فهزت سالي رأسها ورافقها أسامة نحو الخارج حتى تقابلا بوجه آخر لم يتوقعا رؤيته واقتربت صاحبته من أسامة قائلة
.. البقاء لله يا أسامة أنا لسه عارفة والله دلوقت
تناقلت عيناه من محيا اشري الصادق لمحيا سالي العذب فيبدو أنه مقدرا على رجال تلك العائلة بفقدان النسوة الرائعات اللاتي مروا بحياتهم وقال بحزن
.. البقاء لله وحده یا آشري اتفضلي
فالتفتت آشرى لسالي وللأطفال وقالت راجية
.. سالي استني متمشيش أنا كنت عوزاكي مش هأخرك
فهزت سالي برأسها
متابعة القراءة