روايه جاسر الجديده وكامله
المحتويات
لغيابها عنهم بل جذبتها سلمى لتريها ما رسمته خلال الأيام الماضية فتلقفتها سالي بأحضانها وأجلست سلیم بالقرب منها وهي تطالع رسوماتها المضحكة قائلة
.. وريني رسمتي إيه
فقالت سلمى بطفوليتها المحببة
.. ده أنا وأنت وسلیم وتیته مجيدة
دغدغدتها سالي قائلة
.. وأنا مالي طويلة أوي كده
ضحكت سلمى وقالت
.. لاء ده عشان احنا وتيته قاعدين وأنت بس اللي واقفة
.. آه قولتيلي بقا
ولكن سرعان ماغابت ضحكتها عندما أردفت سلمی
.. بصي دي كمان دي أنت وبابا على البحر وأنا بعوم مع السمكة
قاطعها سليم ولم ينتبه لغياب بسمة أمه قائلا
.. كفاية بقى يا سلمى خلي ماما تشوف عملت إيه بالمكعبات
وقفز ليريها ما خبئه بجوار فراشه وعندما طالعته سالي حتى تراسمت معالم الدهشة والفرحة جنبا إلى جنب على وجهها قائلة
هز سليم رأسه بفخر إذ مضى وقتا طويلا في رص المكعبات ليشكل بها قصرا شبيها بالذي يسكنه وضحكت سالي وهي تقترب منه قائلة بذهول
.. ده أنت حتى الشجر عملته
قال سليم بعفوية
.. دي شجرة بابا تیته سوسن قالتلي عليها
تهرب من رسمة سلمى التي تحمل ذكري جاسر لتصطدم بمجسم سليم الذي يحمل بصمته وستظل تدور في دوائر لا نهاية لها ولا بداية إلا بجاسر نفضت عن رأسها أفكارها السلبية وقالت
قفز الصغيران بسعادة وابتسمت سالی ولكن سرعان ما غابت عنها بسمتها إذ قاطعها صوته بحزم قائلا
.. وأنا اللي جاي اتغدا معاكوا خلاص نروح نتغدی کلنا بره سوا
التفتت له شاحبة وهي تطالع ساعة الحائط بضيق لمحه جاسر بسهولة بالغة وقال بنبرة ذات مغزى وقد ضاقت عيناه في إنذار صريح أنه لن يقبل بالرفض
وبإحدى مميزاته التي لا يختلف عليها إثنان وبشجاعة المواجهة التي لازالت تفتقر إليها باغتها بسؤال حاد المقاطع في اللحظة التي أصبحا بمفردهما في غرفة مكتبه
.. مين ده اللي كنت واقفة معاه أول امبارح
ظلت تنظر له صامتة لوهلة وهي ترقبه بأعين واسعة حتى قالت بضيق بالغ
تسارعت خطواته نحو الباب وأغلقه پعنف أفزعها وقال وهو يشير بإبهامه محذرا
.. حذاري يا سالي أنا لحد دلوقت متمالك أعصابي معاك
توترت أوصالها وقالت بعند
.. هتعمل إيه ياجاسر هتضربني أنا كمان
زعق بها
.. متستفزنيش يا سالي عشان مترجعيش ټندمي وردي على السؤال مين ده وإزاي توقفي تضحكي معاه في الشارع!
.. معدتش من حقك أنك تدخل في أي شيء يخصني يا جاسر واقفة مع مين بضحك مع مين بخرج مع مين حتى خلاص معدتش من حقك زي ما أنت عايش حياتك أنا كمان عايشة حياتي
اقترب منها وبأنفاس مشټعلة كاللهيب قال
.. كل شيء يخصك من حقي يا سالي ولمصلحتك متعمليش اللي أنا مش راضي عنه عشان لحظة ما هترجعي هيكون حسابك عسير عن كل شيء خالفتيني فيه
وربما ظنت أنها لن تندهش من شذوذ أفكاره وتقازم تواضعه بعد ما حدث لهما ولكنها لم تتوقع أنه قد يصل به لمستوى أبعد! فضحكت برقة ولكنها لم تتمالكها كثيرا إذ اتسعت وتصاعدت نغمتها حتى قالت وهي تراقب أنظاره المستعرة بدهشته
.. أنا حقيقي مش فاهمة إزاي متوقع أني أرجعلك وأنت زي ما أنت متغيرتش لاء وبتهددني كمان !
فرد فورا
.. وعمري ماهتغير
هزت رأسها وهي توافقه الرأي
.. ده صحيح أنت زي ما أنت فعلا جاسر بشركاته بفلوسه بمراته الحامل بحياته اللي عایشها بالطول والعرض من غير ما يفكر في اللي بيدوس عليه
عشان يكمل هوا طريقه
واقتربت منه بتحدي أعظم وهي تلكزه بأصبعها فوق صدره
.. لكن أنا اللي اتغيرت ياجاسر أنا معدتش أقبل بأقل من الحياة اللي دلوقت عيشاها وتسارعت خطواتها للخلف في إشارة واضحة للإنصراف ونهاية الحديث بينهما وهي تقول
.. ومع الأسف أنت غير مرحب بيك في الغدا اللي أنا عازمة ولادي عليه
واقترب هو منها بخطوات أسرع
.. قصدك ولادنا اللي أنا بكرم أخلاق مني سامحلك تشوفيهم حتی بعد تصرفاتك
قالت برفض سريع وهي تستدير مرة أخرى لتواجهه بهدوء
.. لاء مش کرم أخلاق منك ده شرط وإتفاق بينا أنت ملزم بيه كان شرط طلاقنا وراجع الشريط كويس ياجاسر ولو نسيت فأنا فاكرة كل كلمة ومشهد منه وعمرى ما هنساه وخرجت من الغرفة وقد أسدلت بكلماتها الأخيرة ستار نهاية المواجهة وهي تنادي بصوت مرتفع على طفليها لتجتذب كفوفهم الصغيرة نحو الخارج تحت مرأى عيناه التي تبعتهم كالصقر المتحين للإنقضاض على فريسته وهو يوقن پغضب مستعر بأعماقه أنه قد انسلت منه خيوط لعبته في غفلة منه في خضم الحياة وكثرة التفاصيل المحيطة بها قد تنسى أو تتغافل عن أشياء حتى تستطيع المضي قدما
متابعة القراءة