روايه جاسر الجديده وكامله
المحتويات
ومضى يذرع الغرفة بأنفاس متقطعة وقال ضائقا
.. عامل فيه حكیم روحاني حضرتك يا شيخ أتنيل قال حالك أحسن من حالي
هز جاسر رأسه مذعنا وقال معترفا
.. في دي معاك حق
وقام لينصرف وقبل أن يختفي من طريق أخيه ألقي قنبلته الثانية
.. داليا أجهضت واتطلقنا
تاركا إياه يحدق في إثره متعجبا متأملا في تدابير القدر شباكا تنسج من حولنا لا ندري أتحركنا أن نحن من نقودها ونصنع المزيد منها وهل الحرية سبیلنا خارجها أم بداخلها
اصطدمت عربة التسوق خاصتها بأخرى لم تنتبه لها إذ كانت منشغلة بتفحص مكونات علبة حبوب للإفطار طلبها أيهم خصيصا وغمغمت وهي تلقي نظرة سريعة لصاحب العربة المقابلة بكلمة إعتذار ماكانت سوى ثوان حتی تلاشت حروفها وحلت محلها نظرة دهشة متوترة قابلتها عيون شديدة السواد بڠضبها فهتفت بتعجب
ثم مالبثت أن استعادت رباطة جأشها وهي تسترجع مشهد العناق الحميم خاصته وقطبت جبينها وقالت بضيق
.. أنت بتعمل إيه هنا
اندفع نحو الرف وألقي بعربته بعضا من المنتجات دون اكتراث قائلا
.. إيه بشتري حاجات أنا كمان ولا السوبر ماركت معمول مخصوص عشان طلبات سعادتك
انزوت شفتيها بإبتسامة ساخرة مريرة وقالت
حرکت عربتها لتبتعد عن طريقه فزعق بها بإنزعاج تام
.. ياسلام واخد أنا المشوار من بيتي لحد السوبر ماركت اللي جمب بيتك عشان اتبضع
التفتت له ببرود غير عابئة بنظرات البائع المتطفلة وقالت
.. والله ميهمنيش ثم أنا سألتك بتعمل إيه هنا
نفث محاولا التريث والهدوء وقال
.. أقدر أعرف غيرتي رأيك ليه أنت مش قولت أنها مش خطوبة
.. وقتها مكنتش خطوبة
قال غاضبا
.. وإيه اللي اتغير
هزت رأسها وهي تمنع الألم من التسلسل لنبرة صوتها المتماسكة ظاهريا قائلة
.. شيء ميخصكش حياتي الشخصية ملكي أنا لوحدي وبعدين أنت على أي أساس جاي تحاسبني
اقترب منها بسرعة قائلا بهمس خطړ
.. الأساس أنت عارفاه کویس بادرية
.. آه بأمارة الأحضان على أبواب المستشفيات
تراجع للخلف خطوة باهتا وتابعت هي بجدية تلك المرة لتضع خط النهاية ومن بعدها لا عودة
.. من الأساس مكنش فيه أساس يا أسامة ومن فضلك أنا مش عاوزة أشوفك تاني ولا حابة الشو ده يتكرر في مكان عام وخصوصا لما يكون قرب بيتي وولادي عن إذنك
انصرافها المتعجل والثابت نحو منصة دفع الحساب صامتا وهو يشعر بنيران تشتعل في أوصاله لم يكن يدري أن عبثه الغير مجد مع غيرها قد يحرمه فعليا منها بل لم يكن يدري حتى تلك اللحظة أنها بالفعل من أراد ومرارة الخسران تخنق حلقه للمرة الثانية بحياته غير أنه يشعر تلك المرة بأن خسارته أكبر إذ فقد الفرصة للعيش مرة أخرى وتذوق الحياة من جديد في تلك اللحظات القليلة التي تسبق انفصالها عن صغارها تغرقهم فيها بالأحضان والقبلات ووعود لمقابلة قريبة فوق السحاب في دنيا الأحلام توقفت بسيارتها الحديثة أمام البوابة المعدنية الضخمة لقصر آل سليم وهي تبحث عن كلمات مناسبة تبدأ فيها حوارا متأخرا للغاية إذ أنها سويعات ويحضر کریم ووالده لمنزلها لطلب يدها قالت بأنفاس متهدجة
.. إيه رأيكم في عمو کریم ياولاد!
عبس سليم وهو يبحث بعقله عن مغزی لسؤال والدته وظل صامتا فيما قالت سلمى ببراءة
.. دمه خفيف أووي هتجيبه المرة الجاية يتفسح معانا يا ماما
ابتسمت سالي وقالت
.. آه إيه رأيكم
كانت عيناها متعلقة بنسخة جاسر الغامضة وتسائلت داخلها كيف يمكن أن يكون الشبه بينهما ليس فقط بملامح جذابة بل وأيضا بخبايا نفس معتدة بكرامة والابن كأبيه بالفعل ظل صامتا يترقب توتر شفتيها بكلمات تائهة وسؤال لا معنى له
.. إيه رأيك يا سليم!
زم سليم شفتيه وقال
.. دمه تقيل لكن طبعا براحتك يا ماما انزعجت سالي وقالت متسائلة
.. ليه ياسليم بتقول عليه كده
رد بصراحته المطلقة
.. مش بستریح لحد يحاول يتصاحب عليا في أول مرة نشوف بعض فيها
ضحكت سلمى وهي ترفع كفيها للأعلى قائلة بطفولية محببة
.. ياساتر يارب عليك يا أخي
تجاهلها سليم وقال بجدية
.. يعني لو لازم يجي المرة الجاية ياريت ميتكلمش كتير
ظلت سالي صامتة وهي لاتدري كيف التصرف لقد تملكتها نوبة من الجرأة الفجائية منذ قليل وقررت مصارحة الطفلين بأمر الزيارة القريبة ولكن مع تأفف سليم الواضح من شخص کریم أصبحت تشعر بالخۏف وكأنما قرأ الصغير أفكارها فقال
.. لكن أنت بتسألي ليه ياماما هوا أحنا هنشوفه كتير بعد كده
رفعت سالي أنظارها له وهي تقول دون أن تشعر
.. أنا وعمو کریم هنتجوز
وتراجع الإثنان سويا لمقعدهما بالخلف ونظرة مبهمة قد علت ملامحهما فأسرعت سالي تقول
.. يمكن يمكن نتجوز وكنت عاوزة أعرف رأيكم فيه
تبادل الإثنان النظرات وقالت سلمى بأنفاس متهدجة بصوت قطعت أنفاس سالي حسرة وڠضبا في الوقت ذاته
.. یعني أنت خلاص
متابعة القراءة