روايه جاسر الجديده وكامله
المحتويات
فهي كانت حمل صندوق مستطيل عریض بلون أبيض يزينه شريط نبيتي من الستان فقامت لتوقع بالاستلام ثم فتحته بلهفة لتطالع ورقة صغيرة خط عليها بخطه الأنيق ماقدرتش أجيبه أبيض وأنت عاوزاه أوف وايت یارب يعجبك فضحكت وهي ترتعش من شدة فرحتها ونفضت الأوراق التي تغلفه برقة حتى طالعت قماش فستان زفاف مطرز رائع الجمال ورفعت أنظارها لمساعدتها التي كانت تصقف بكفيها بجزل قائلة
طب هيا وبس جابتلك الطرد لحد عندك وبوستيها أنا بقا اللي اشتريته وغلفته بنفسي وجيت بيه هنا بلحمي وشحمي ليا إيه
فضحكت وترقرقت عيناها بدموع الفرحة واحمرت وجنتها وتنحنحت مساعدتها لتنصرف بخطوات مسرعة إلى الخارج فاقترب منها وهمس لها وهو يقبض على كفيها
فرح ! هز رأسه مؤكدا
ولا ألف ليلة وليلة إحنا بنفتح سوا صفحة جديدة فضاقت عيناها
یعني هتروح تطلبني من بابا فهتف بها ضاحكا
واطلب أبوكي نفسه فضحكت وقالت تمازحه
بس أنا عاوزاه بالنهار فهز رأسه مذعنا وهو يمسك بكتفيها
ولو حتى فوق المريخ أنت تشاوري بس وأنا عليا التنفيذ.
وعبرت البوابة نحو القصر وقفت أمام الباب المعدني الضخم دون أن تطرقة وكأنما هبت عليها نسمة من نسمات ذكرياتها المؤلمة لتذكرها بلحظات قوتها وضعفها في آن واحد.
فمنذ بضعة أشهر فقط كانت تقف متزينة برداء خطبتها ومزدانة ببضعة كيلوجرامات زائدة تنظر له الألم يخترق أضلعها ويفتت مفاصلها من ثم يسحق عظام صدرها وهو يصطحب عروسه الفاتنة ويسير نحوها غير عابیء بشظايا قلبها التي تناثرت مع حبات الملح فوق رأسيهما ومع ذلك تماسكت بقوة تحسدها عليها الكثيرات ممن قد يوقعهن حظهن العثر بنفس موقعها فلم هي الآن خائڤة ترتجف تهرب من نظرة ونبرة حميمة مسكونة خلف أغنية قديمة وبضعة صور لم تشفع لها عنده برحمة أو بشفقة زفرت الهواء المحتبس داخل صدرها إن كان هو يعمد لذكريات أعوام مضت فهي تعاني من فقدان ذاكرة للأحداث بعيدة الأمد وما تذكره فقط لن يتعدى الأشهر القلائل الماضية طرقت الباب بحزم حتى فتحت لها نعمات واستقبلتها بابتسامة بشوش فخاطبتها لائمة
وقع اتكسر ماعدتش أشوف زي الأول فربنت سالي على كتفها مؤازرة
ربنا يديكي الصحة و الولاد جاهزين تنهدت نعمات
من بدري ولما أتأخرتي راحو يلعبوا في الجنينة اللي وره مع باباهم أشارت لها نعمات التقدم فرفضت قائلة
هستناهم في العربية ياريت تبلغيهم همت نعمات بالاعتراض ولكنها مالبثت أن هزت رأسها طائعة وانصرفت تاركة سالي تعود أدراجها نحو سيارتها خطت سلمى الباب المعدني جريا نحوها يتبعها سليم برفقة جاسر ودون تفكير أدارت سالي خاتمها الذهبي في إصبعها ليبدو وكأنها لازالت تحمل خاتم خطبتها دفنت سلمى بأحضانها ثم اتجهت نحو سليم الذي كان يحمل حقيبته رافضا أي ملمح من ملامح التقارب الجسدي معها فعلت وجهها خيبة الأمل حتى أنها رفعت أبصارها غاضبة نحو جاسر الذي كان يبدو ملاحظا للتغيرات التي طرأت على صغيره ومع ذلك ظل صامتا وداخلها شعورا بأنه يعزز مشاعر الطفل السلبية نحوها فقالت مرحبة بالصغيران
معلش مش هتكرر تاني إن شاء الله الافتتاح خلاص الأسبوع الجاي فردد جاسر مستفهما
افتتاح!
فرفعت له سالي وجهها وقالت بهدوء
مرکز خيري لعلاج أسنان الأطفال فضاقت عيناه وهو يقول
وياترى أنا معزوم ولا غير مرحب بيا
فردت بهدوء
أكيد ومش أنت لوحدك كمان أسامة وزياد معزومين المركز بإسم والدتك الله يرحمها ولولا الفلوس اللي سابتها في الوصية ماکنش هيبقاله وجود ارتسمت الدهشة على ملامحه فأردفت لتثير حنقه
ومن ناحية ثانية الفضل کمان يرجع لكريم كانت فكرته أصلا وساعدني كتير وكان دايما واقف معايا في كل حاجة وبالفعل نجحت وأصابت هدفها بدقة بالغة إذ عض على شفتيه وقال حانقا
أصلا . . هه . . وأنا اللي كنت فاكر أنه زمن معرفتكم قصير فقالت بإبتسامة حالمة قبل أن تصعد لسيارتها
العبرة مش بالوقت ولا أد إيه بقالنا نعرف بعض العبرة بالتغيير الممتاز اللي عمله في حياتي وأحكمت وثاق حزام الأمان ثم انطلقت بسيارتها مسرعة غير عابئة به ولا بغضبه الذي بلغ عنان السماء حتى أنه ركل كل قطعة حصى مهما بلغت صغرها في طريق عودته للقصر ومع ذلك
متابعة القراءة