روايه بقلم دعاء عبدالرحمن

موقع أيام نيوز

مينفعش بقى تيجى بعد كل ده وتقوليلى مينفعش يا عمرو

كادت عزة أن تبكى وهى تشعر بضغطه عليها بكلماته واستعجاله للأمور بهذا الألحاح المتواصل ومحاولاته المستمرة ولكنها لن ترضخ له فى أى حال من الأحوال فالعقد له حدودا يجب أن لا يتخطاها أبدا

سار بلال بجوار عبير بمحاذاة كورنيش النيل متعانقة أيديهما متشابكة أصابعهما نظر لها ليرى بعض علامات الضيق والأضطراب

ظاهرة بوضوح فى عينيها فقال

مالك يا حبيبتى ايه اللى مضايقك

مش شايف المناظر يا بلال.. هى البنات دى مش مكسوفة وهى واقفة بالشكل ده.. طب مش خايفين من أهاليهم.

هز رأسه باسى وكأن حديثها آثار شجونه وقال

يعنى انت من مرة واحدة وقلتى كده واضايقتى من المناظر.. أومال انا أعمل ايه اللى على مدار حياتى شفت اضعاف اضعاف المناظر دى.. ده غير الأشكال اللى كنت بقابلها فى

 

شغلى أيام ما كنت بشتغل فى مركز كبير بعد تخرجى .. وكان بيورد علينا رجالة وستات والحاجات اللى كانت بتتعرض عليا ساعتها ورغم كده الواحد كان بيستحمل وبيصبر وبيغض بصره عن الحړام

قالت عبير بحنان

وكنت بتقدر تستحمل كده ده ازاى

قال بشجن 

علشان ربنا يا عبير .. كنت بصبر وبصوم كتير وبخرج طاقتى فى شغلى والدعوة والرياضة والحمد لله ربنا عصمنى

ثم نظر لها وقال بحب

مش كده وبس ..ده كمان كافأنى ورزقنى بزوجة صالحة زيك

ابتسمت رغم الشجن الذى لمسته من كلماته وحاولت تخفيف ما استعاده من ذكريات قد تضيق بها نفسه وقالت بمرح 

بس أيه يا عم الكاجوال الخطېر ده .. الناس يقولوا أيه.. شيخ ولابس كاجوال

نظر إلى ملابسه وقال بزهو مصطنع

لا وكله كوم والتيشرت الفظيع ده كوم لوحده

ضحك كلاهما وهما يسيران عكس اتجاه الطريق ليعودا أدراجهما إلى منازلهما وتركوا خلفهما شباب متسكعة وبنات متخبطة فى شهوات الدنيا وملذات الحياة متسلقين زورقا للحب يتخبط بهم فى بحار عالية الأمواج بعيدة القاع ذات اليمين وذات الشمال فهل يأمل لهم النجاة وقد بعد المرسى .

أستطاعت دنيا أن تتكيف على عالمها الجديد فلا تدخل ولا تخرج إلا بصحبة والدتهاالتى أشرفت بنفسها على شراء ملابسها الجديدة فاختارت لها كل ماهو محتشم تغيرت طريقة ملابس دنيا بالكامل مما جعل فارس يشعر أنهما على بداية الطريق الصحيح وأنها من الممكن أن تتغير فعلا وأنه أحسن الأختيار ولكنه لم يكن يعرف أنها كانت تجاريهم فقط لتمر الأزمة على خير حتى أنهى فارس اختبارات الماجيستير وتم تحديد يوم حفل عقد القران .

حضر عقد القران عمرو وبلال وعبير وعزة ورغم المحاولات الكثيرة التى قام بها فارس لأصطحاب مهرة معهم ولكنها بكت و رفضت بشدة بل وتصنعت المړض لكى لا تذهب معهم.

بعد العقد مباشرة أصرت عزة على المغادرة هى وعبير عزه وعبير فلقد كانت دنيا تتعامل معهما ببرود وبابتسامة خاوية من أى ترحيب مما جعلهن يشعرن بالوحدة فى بيتها وطلبا المغادرة بعد تهنئتها بالزواج بصحبة والدة فارس غادر الجميع وتركت والدة دنيا لفارس المجال أن يجلس مع دنيا قليلا على انفراد بعد أن أصبحت زوجته كانت متوترة وعيناها تفصح عن شىء ما مجهول ولكنها صامتة عندما حاول بثها شوقه لم تتجاوب معه وتعاملت معه ببرود ثم اعتذرت وكأن الأمر خارج عن سيطرتها حاول أن يعرف ما بها ولكنها لم تجب بشىء واضح غادرهو الآخر بعد أن طبع رقيقة على وجنتها مودعا أياها.

ومرت الشهور تلو الشهور وسنة يعقبها سنة تتسابق تتلاحق وكأنها فأر يقرض فى عمر الزمن فى سرعة وخفة لم يلتفت لها فارس وهو منهمك فى تحضير الدكتوراة التى نفذت معه طاقته ولقد كان هو أكثر من مرحب وهو يشعر بتباعد دنيا عنه يوما بعد يوم

ورزقت عبير من بلال بأربع توائم دفعة واحدة وكأن الله سبحانه وتعالى قد صرف لها الأقدار ومنحها دفعة واحدة جوائزه وعطاياه كما لو كانت تزوجت منذ سنوات كثيرة وليس أقل من ثلاث سنوات .

وحاول عمرو إقناع والد عزة بأن يتم الزواج فى شقة والده ولكن والدها رفض نظرا لأن لديه أخ أصغرمنه وهو محمود والذى ألتحق بالجامعة هو ويحيى صديقه فكيف ستعيش عزة مع محمود فى منزل واحد! باءت المحاولة بالفشل وبدأ عمرو فى البحث عن شقة إيجار فى مكان قريب منهم.

وخاضت مهرة فى مرحلة جديدة وهى مرحلة الثانوية العامة ورحلة بحثها عن ذاتها التى لم تنقطع طوال الفترة السابقة ولكنها ظلت البنت العنيدة التى لا تستسلم بسهولة ولا تصمت على شىء تراه خطأ من وجهة نظرها وكانت تحاكى أفعال فارس فى كل شىء بل وتتحدث مثله وتستمع إليه وتدون النقاط المهمة فى حديثه تحفظها عن ظهر قلب حتى أن الجميع كان يلقبها بالفارس الصغير! كانت أنوثتها قد لاحت فى الأفاق بقوة وطالت قامتها فجأة وأصبحت تضاهى أقرانها بجمال بري مشاكس ملفت للأنظار ولكن فارس لم يراها يوما إلا طفلته الصغيرة العنيدة التى يفخر بها دوما.

طرقت مهرة باب

تم نسخ الرابط