امرأة العقاپ بقلم ندى محمود
ما جعلها تتأكد من أنه جاء في المساء .
ألقت نظرة دافئة على صغيرتها التي خلدت للنوم بعمق ثم انحنت عليها وطبعت قبلة رقيقة على جبهتها واستقامة واقفة لتغادر الغرفة بهدوء شديد ..
________________________________________
وصلت إلى غرفتها ورفعت يدها تنزع المشبك الذي تثبت به شعرها .. همت بالدخول للفراش حتى تنام لكن صوت الباب وهو ينفتح سمرها مكانها .. ظلت ثابتة مكانها تستمع إلى خطواته معتقدة إن وجهته الأولى ستكون إليها كالعادة لكن ما أصابها بالتعجب أن صوت خطاه توقف ولم يدخل للغرفة .. رفعت حاجبها بحيرة ثم استدارت واتجهت بخطا قدماها الناعمة إلى الخارج .. رأته يجلس على الأريكة بالصالون ويرجع برأسه للخلف إلى الحافة العلوية من ظهر الأريكة مغمضا عيناه لم تكن علامات التعب أو الإرهاق بادية على وجهه .. بل أخرى كلها ڠضب وحنق ويحدق في السقف بفراغ كالذي ارهقه التفكير فلم يعد يعرف بماذا يفكر أكثر ! .
_ جلنار
ظلت مكانها لا تلتفت له ولا تجيب عليه فقط تنتظر منه أن يستكمل جملته .. فخرج صوته مستكملا
_ تعالى عايز اتكلم معاكي شوية
ردت ببرود وعدم اكتراث
_ أنا تعبانة وعايزة انام .. تصبح على خير
أنهت جملتها وتحركت نحو غرفتها بينما هو فاستشاط غيظا وبلحظة هب ثائرا من مكانه واندفع خلفها كالۏحش .. جذبها من ذراعها إليه قبل أن تخطو قدماها الغرفة
_ إنت عارف أنا عايزة إيه كويس
لحظة عابرة ممن الصمت مرت حتى استكمل صياحه المرتفع بها منفعلا
_ وأنا قولتلك مليون مرة انسى الطلاق ده نهائي
اردفت جازة على أسنانها بغيظ في خفوت
_وطي صوتك البنت نايمة
انتقل بنظره إلى باب غرفة ابنته ثم جذبها من ذراعها خلفه ودفعها لداخل الغرفة ثم دخل هو واغلق الباب فصړخت به بسخط عارم
_ إنت مش طبيعي والله
_بالعكس أنا لغاية دلوقتي طبيعي وهاديء أوي معاكي كمان بس شكلك مش هتخليني استمر في الهدوء ده كتير
اندفعت نحوه ثائرة حتى وقفت أمامه مباشرة شبه ملتصقة به وغمغمت في غل
ضحك بازدراء منها فاستكملت هي
_ بعدين مش احنا كنا متفقين إننا هنطلق
_ ده كان قبل ما تاخدي بنتي وتهربي بيها
_ وفرق إيه دلوقتي
انحنى عليها يهمس أمام وجهها تماما في نبرة مثلجة
_ مفرقش حاجة بس أنا غيرت رأى ومش هطلق
تلألأت العبارات في عيناها بحړقة وألم من بطش وقسۏة ذلك الظالم لوهلة احست بضعفها أمامه وأن لا يسعها شيء سوى استخدام قواها الضعيفة مقارنة بقوته الجسمانية الضخمة .. فغارت عليه تلكمه في صدره بشراسة صائحة به في صوت مبحوح وعينان تلمع بالعبارات
استهدفت بكلماتها الهدف لم تخطأ في حرف واحد .. لكن أخطأت في الوصف .. بقدر جفاء وحدة الكلمات بقدر ما وصلت لأعمق نقطة
من قلبه خرجت هذه الخناجر من فمها بالوقت الخطأ .. في وقتا كان يحاول هو لملمة شتات نفسه المبعثرة بعد الوساوس التي تنهش عقله نهشا منذ مساء الأمس وهو يفكر بأفعال زوجته المريبة محاولا إسكات الصوت الوحيد الذي يتردد في ذهنه منذ إيام خېانة .. خېانة .. خېانة !! ويرفض حتى مجرد التفكير في فكرة لعينة كهذه جاءت زهرته وواجهته بحقيقته التي يحاول التغافل عنها وزادت من سوء الوضع لكن حتما أن أنانيته تضمر خلفها أحد الأسباب الحقيقية الذي يرغب باحتفاظه بها لنفسه .
تنهد الصعداء بعبث وغمغم أخيرا بنظرة تائهة يؤكد لها تصورها عنه
_ عندك حق ولو تمسكي ببنتي ومراتي بالنسبة ليكي أنانية فأنا معنديش مشكلة في كدا
تطلعت إليه بدهشة من اعترافه الصريح بتمسكه بها وأحست أن لسانها قيد فلم تتمكن من الرد عليه فقط تابعته وهو يبتعد عنها ويتجه إلى الحمام .
يمسك بيده كأس من الڤودكا ويرفعه لفمه فيبتلعه دفعة واحدة ويعود ويملأ الكأس من جديد على الجهة المقابلة له يجلس