روايه ندي محمود توفيق ج 10
لقلبه منها
_ كل سنة وإنت طيب ياكوكو
_ وإنتي طيبة يا أميرتي .. بس مش هنبطل كوكو دي !!
هزت رأسها بالنفس وهي تضحك بخفة وتقول بمشاكسة
_ أبدا ! .. أنا بحب ادلعك بيه وعشان أنا مش أي حد لازم يكون دلعي ليك مختلف ومميز
_ يعني مفيش فايدة !!
_ تؤتؤتؤ خالص
اطلق ضحكة بسيطة ثم انتبه لمظهرها الجديد والرداء الأسود الجميل الذي ترتديه مع قصة شعرها ومكياجها رمقها بنظرة متفحصة بعد أن رجع بخطوة للخلف لكي يتمكن من رؤيتها أوضح وقال باسما بإعجاب حقيقي
اجفلت نظرها عنه أرضا في استحياء من تغزله الصريح بها لتجده يمسك بكفها ويرفع يدها لأعلى لكي تلف حول نفسها ففعلت .. لتزداد نظرات الإعجاب في عيناه وهو يجيبها
_ مغلطتش لما قولت إن أي حاجة بتلبسيها بتحليها أكتر
صعدت الحمرة لوجنتيها في ظرف لحظة ففكرت في التخلص من جو التوتر والحياء المهيمن عليها وانحنت على الأريكة تلتقط الكوفية التي صنعتها بيدها له وكانت تعمل عليها منذ أيام هتفت في خفوت جميل وخجل لا يزال بستحوذ عليها
التقطها من يدها وكانت من اللون الړصاصي ومجهزة بإحكام شديد ودقة أعجبته كثيرا وخصوصا أنها من نفس لونه المفضل .. رفع نظره لها وقال بحنو وهو يقترب يطبع قبلة حانية على شعرها
_ فعلا عجبتني جدا .. شكرا على الهدية الحلوة دي ياشفق
_ جميلة أوي عليك
تمتم برقته المعهودة ونظراته التي تسحبها لعالم آخر
_ لازم تبقى حلوة طالما إنتي اللي عملاها بإيدك
ماذا به اليوم لما يتغزل بها بشكل زائد عن العادة ونظراته مختلفة حتى نبرته بل بالأحرى هي تشعر بتغيره الجذري منذ الأمس ولكنها فسرته على أنه خوف وقلق عليها ولكن الآن ماذا يحدث ! .. لم تهتم كثيرا أيضا هذه المرة وطردت أي أفكار قد تكون ساذجة بالنسبة لها لتجده ينحني ناحية الكعكة ويقرأ بصوت مسموع ما كتبته عليه شكرا لإنك معايا فتتسع ابتسامته اضعافها وينتصب في وقفته ثم يمد يديه ويلفهم حول خصرها جاذبا إياها إليه ويهمس في أعين تحمل مشاعر جديدة ونبرة دافئة
تلألأت الدموع في عيناها من سعادتها بما تسمعه منه لأول مرة واندمجت فرحتها بدهشتها بما يقوله لها ولم تكن تتوقعه منه أبدا ولكن الدهشة الحقيقية حين وجدته يقترب بوجهه منها فتجمد جسدها ككتلة ثلج ومجرد التفكير فيما سيفعله كان كفيل بأن يشعرها بأنها على وشك فقدان وعيها فأغمضت عيناها بقوة تقنع نفسها بأنه لن يفعلها فقط سيقبلها من وجنتها أو جبهتها ولكنه فعلها !! .. شعرت بارتخاء أعصابها ولو كان الوضع استمر لثانية أخرى لكانت حتما فقدت وعيها ابتعد بعد لحظات طويلة نسبيا وهو يطالعها بترقب ينتظر أن تفتح عيناها ولكن انتظاره طاله فهمس في لطف
استفاقت من غيبوبتها وانتفضت على صوته فارتدت للخلف وقد رأى وجهها أحمر كلون الډم وصدرها يعلو ويهبط كأنها كانت في سباق للعدو للتو ! .. رمقته بخجل وارتباك بالغ لتقول بصوت متلعثم
_ إنت ... إنت قليل الأدب على فكرة
قالتها وفرت هاربة للغرفة في لحظة من فرط توترها وتركته مندهش قليلا من جملتها حتى ضحك بصوت منخفض على عفويتها وبرائتها الذي يعشقهم أكثر شيء !! .......
انضمت هدى لجلسة الجدة المنفردة في غرفتها وبمجرد ما أن جلست بجوارها نظرت لها الجدة وقالت بقلق
_ طاهر ليه يومين مجاش .. حاسة قلبي مش مطمن عليه ياهدى
صمتت لبرهة وهي تطالعها بتردد ولكنها حسمت أمرها وقالت في خفوت
_ طاهر تعبان ياماما كان اليومين اللي فاتوا ومجاش عشان محبش يقلقك عليه
انتفضت في جلستها وقالت بزعر
_ تعبان !! .. ماله ياهدى انطقي !
تنفست الصعداء وقالت بعدم حيلة
_ لما جاتلك ميار من يومين كانت قبلها علطول في المستشفى .. حاولت ټنتحر ولحقوها على آخر لحظة وطاهر تعب معاها هناك من الخضة .. أنا عرفت من علاء وقالي مقولكيش عشان متاخضيش
_ ټنتحر !! .. إزاي متقوليش الكلام ده !
_ ياماما خوفنا عليكي لتتعبي ولا حاجة
وثبت واقفة وقد ادمعت عيناها وهي تقول بحزم
_ أنا هروح اشوف ابني وميار
استقامت هدى وقبضت على ذراعها تهدئها قائلة برزانة
_ اطمني والله هما كويسين دلوقتي ومفيش أي حاجة
هدرت في حدة ونظرة ثاقبة
_ قولت هروح ياهدى
_ طيب حتى اصبري للصبح وهنروح والله بكرا .. اهدى ابوس إيدك وصدقيني أنا بنفسي هاخدك ونروح بكرا الصبح
اطالت الجدة النظر في فيها لټنفجر باكية وهي تهمهم بكلمات لم تفهمها جيدا ولكنها عانقتها وهي تربت على ظهرها بحنو تهتف بكلمات تحاول من خلالها أن تهدأ نفسها الوجلة .....
أما بالأسفل فكان كل من حسن ورفيف يجلسون في الحديقة الخارجية للمنزل كان هو يعلق عيناه على السماء في سكون تام وهي تارة تنظر له وتارة تعبث بهاتفها .. حتى سئمت الصمت وقالت بضيق
_ هتفضل تعاند لغاية إمتى ياحسن .. مش معقول لسا مأدركتش إنك بتحب يسر ومتقولش لا لإن إنت مش شايف حالك بقى إزاي
ابتسم لشقيقته وقال باستنكار ونبرة مهمومة
_ ماله حالي !!
تأففت بصوت مسموع واعتدلت في جلستها أكثر لتقول في ڠضب وعفوية
_ حسن يسر سافرت وإنت لسا بتعاند هتفضل كدا لغاية امتى !!!
وقعت كلمة سافرت وقع الصاعقة عليه واستيقظت جميع حواسه حيث انتصب جالسا وهو يجيبها بعدم استيعاب وذهول
_ سافرت فين !!!
_ إنت متعرفش ولا إيه !
قالتها باندهاش بسيط ليجيبها بعد أن بدأ الضجر يتملك منه ويهتف بنبرة خشنة
_ معرفش إيه يارفيف !!
تنفست الصعداء وقالت بأسى
_ يسر سافرت النهردا المغرب مع راسل هتقعد في امريكا هناك لفترة معرفش قد إيه وهتمسك الإدارة في الشركة اللي هناك بدل عمي
تحول لجمرة نيران متوهجة واظلمت عيناه بشكل مخيف بالأخص بعدما قالت ذهبت مع ذلك السمج ابن خالتها وجدته يهتف پغضب عارم
_ نعم !! .. وأنا آخر من يعلم يعني إزاي تسافر من غير ماتقولي .. لا ومع راسل كمان ماشي يايسر
ابتسمت رفيف بمكر واقتربت منه تقول في خبث ضاحكة
_ ومالك متعصب كدا ليه !! مش مشكلة يعني سافر وراها بكرا
حسن بنظرات مشټعلة
_ ماهو ده اللي هيحصل فعلا قال مع راسل قال ده أنا هطين عيشتها هي والملزق ده
اشاحت بوجهها للجانب الآخر وهي تضحك بصمت دون أن يصل صوت ضحكها إليه أما هو فكان يستشيط م
الغيظ وكلما يفكر بأنها مع ذلك ال راسل الآن تتأجج نيران الغيرة في صدره أكثر ويود لو يذهب الآن قبل الغد ويفتك به فقط لأنه يقترب من شيء لا يخصه !! .......
مع صباح اليوم التالي وفي تمام الساعة التاسعة صباحا كان حسن بالفعل في مطار القاهرة بانتظار النداء لاقتلاع الطائرة الخاصة به لم يخبر أحد بسفره وفقط شقيقته تعرف بهذا .. وقد تعهد بأنه لن يعود إلا وهي معه عقد العهود مع نفسه على أنه سيصلح كل شيء بينهم فمنذ الأمس وهو يفكر بماذا سيفعل حتى تغفر له وتسامحه وكان الحل الأمثل هو كما قالت شقيقته أن يتوقف عن العناد ويتصرف بحقيقة مشاعره دون أي إخفاء !! ....
وأخيرا بعد ما يقارب النصف ساعة استقل بمقعده في الطائرة وعقد حزام الآمان حول خصره وماهي إلا دقائق واقتلعت الطائرة من مطار القاهرة متجهة إلى الولايات المتحدة الأمريكية .
دامت الرحلة لساعات حتى وصل واستقل بسيارة آجرة وطلب من السائق أن يتجه به لمكان معين متحدثا الإنجليزية بطلاقة .
توقفت السيارة أمام ڤيلا فخمة ذات طراز عصري ومذهل فترجل هو ودفع للسائق حقه ثم امسك بحقيبة ملابسه واتجه إلى الداخل كان المنزل نظيف تماما من الداخل والأثاث غاية الجمال فابتسم بإعجاب و صعد الدرج متجها إلى غرفة النوم والقى بالحقيبة على الفراش ثم دخل الحمام ليأخذ حماما دافيء وسريع وخرج بعد دقائق ليبدأ في ارتداء ملابسه التي كانت عبارة عن بنطال من اللون الأسود وقميص أبيض فوقهم سترة جلدية من نفس لون البنطال صفصف شعره أخيرا ونثر عطره الرجولي على ملابسه ورقبته ثم غادر ليجد السيارة الذي طلبها بانتظاره ويقف أمامها حارس المنزل فنظر له حسن وتمتم بابتسامة عذبة
_ Thank you
شكرا لك
أماء له الرجل إماءة خفيفة وهو يبادله نفس الابتسامة ليستقل حسن بالسيارة وينطلق بها نحو منزل خالتها وعيناه معلقة على الشاشة الصغيرة في السيارة التي تدله على الطريق بضبط .
ترجل من السيارة بعد دقائق طويلة من السير في طرق أمريكا وقف يحدق بالمنزل الكبير المكون من طابقين ثم تحرك باتجاه الباب الرئيسي والحديدي وفتحه ليدخل ويهم بصعود الدرج للطابق الثاني بعدما أخبرته رفيف بأنها حين تحدثت معها قالت لها أنها ستقطن في الطابق الثاني من منزل خالتها ولكن قبل أن تخطو قدمه خطوة واحدة على الدرج سمع صوت قهقهتها وهي تنزل الدرج وتتحدث مع راسل بتلقائية شديدة فوقف ينتظرها وهو يصر على أسنانه ويستعد لكي ينقض على ذلك السمج الذي لا يطيقه وبمجرد ما أن وصلا لمقدمة الدرج الذي هو يقف في آخره بالأسفل تصلبت بأرضها وفغرت عيناها بذهول تحملق به في عدم استيعاب ليخرج همسها مدهوشا
_ حسن !!!
......... نهاية الفصل ........