روايه ندي محمود توفيق ج 10
المحتويات
وجلس بجانبها من جديد يهمس وهو يملس على ذراعها بلطف
_ شفق .. قومي ياشفق يلا عشان تاكلي وتاخدي العلاج
لا تجيبه وفقط مغمضة عيناها بتعب فيعود ويرفع يده إلى وجنتها يمرر ابهامه عليه برقة ويهتف بصوت اوضح من السابق
_ شفق قومي !
فتحت عيناها أخيرا ولكن بصعوبة وعدم قدرة على فتحها كاملة ليخرج همسها ضغيفا وغير مسموع جيدا
تمتم بحنو ونبرة دافئة
_ مينفعش لازم تاكلي الأول .. يلا قومي وأنا هساعدك
اعتدلت في نومتها بصعوبة فحاوطها هو بذراعيه وساعدها على الجلوس ووضع خلف ظهرها وسادة كبيرة حتى تستند عليها ثم جلب صينية الطعام أمامها على الفراش مدت يدها لتمسك بالمعلقة ولكن أعصابها مرتخية تماما ولا تتمكن حتى من مسكها جيدا فسحبها من يدها وقال بابتسامة ساحرة
ملأ المعلقة من الصحن ثم مدها لفمها وبمجرد ما أن أكلت أول معلقة قالت برفض
_ لا مش قادرة آكل بجد
عاد يملأ المعلقة من جديد ويمدها لفمها هاتفا برفق
_ معلش كلي حاجة بسيطة بس
ابدت عن نفورها واشاحت بوجهها بعيدا هاتفة
_ مليش نفس ياكرم والله
تحولت نبرته ونظرته إلى الحدة البسيطة وهو يقول
زفرت بعدم حيلة وعادت بوجهها ناحيته مجددا وأكلت مجبرة وعلى وجهها معالم النفور ساد الصمت بينهم وهو يطعمها حتى انتهي وامسك بكوب الماء وأقراص الدواء واعطاهم لها لتضع القرص في فمها أولا ومن ثم تشرب الماء فوقه وتعطيه الكوب من جديد فوقف وذهب بالطعام للمطبخ وغير ملابسه في الغرفة الأخرى ثم رجع لغرفتهم واقترب يتمدد بجوارها على الفراش ويمد انامله يبعد خصلات شعرها عن وجهها هامسا بأعين تنضج بمشاعر مختلفة
ابتسمت له بحب وهمست بنبرة رقيقة
_ متوقعتش إني هتعب أوي كدا بس الحمدلله بقيت احسن شوية وكمان لما انام واصحى الصبح هبقى افضل بكتير
اطال النظر في ملامحها البريئة والجميلة فازدادت ابتسامته اتساعا وفرد ذراعه له هامسا بأعين تتحدث بالمشاعر ونبرة جذابة
فهمت أنه يحسها على الانضمام لحضنه الدافيء فأخفت ابتسامة خجلة كانت على وشك أن تخرج لشفتيها ورأته يشير لها بعيناه بمعنى يلا فاقتربت باضطراب واستندت برأسها على صدره ليلف هو ذراعه حول خصرها ويقرب شفتيه مقبلا شعرها هامسا بنبرة جديدة تماما
_ متقوليش إني مبحبكيش تاني هااا
رفعت عيناها إليه قائلا بتعجب
_ كنتي بتهلوسي وإنتي نايمة
اعتدلت في نومتها ورفعت رأسها عن صدره فورا لتقول بزعر وارتباك
_ قولت إيه تاني غير ده !
ابتسم بهدوء وهو يتذكر اعترافها له ثم نظر لها وغمغم بخفوت محاولا الظهور بطبيعية
_ مقولتيش حاجة
_ كرم قول بجد قولت إيه
ضحك بقوة هذه المرة وقال بنبرة بدت لها صادقة
_ هلوستي شوية بسيف ومامتك بس مش اكتر
تنهدت الصعداء بارتياح وعادت برأسها على صدره من جديد متمتمة بخفوت جميل
_ الحمدلله
لم تستغرق دقائق طويلة حتى ذهبت في ثبات عميق وظل هو يحملق في السقف بشرود ويده تعبث في خصلات شعرها برقة ورفق شديد ثم غلبه النوم هو الآخر ! ......
تحركت ملاذ باتجاهه عندما رأته جالس في حديقة المنزل وعيناه معلقة على السماء وكأن عقله مشغول بشيء مهم للغاية فاقتربت منه حتى جلست بجواره وخطفت قبلة سريعة من وجنته هامسة بعبوس انوثي ومدلل
_ سايبني وحدي ليه وقاعد بتفكر في إيه هنا
لم ينزل نظره عن السماء وظل معلقها في الأعلى لتسمعه يسألها بنبرة مشتتة
_ ملاذ هو إنتي ممكن تكرهيني وتسبيني لو سمعتي عني في يوم كلام أو حجات مكنتيش تتوقعيها
لم تفهم سبب هذا السؤال بل كان السؤال غامض بالنسبة لها ولا تفهم منه شيء .. ماذا يقصد بأشياء لم تتوقعها منه !! وهل هو سؤال فارغ أم خلفه خفايا وأسرار لم يفصح لها عنها .
سألته بريبة حقيقية واستغراب
_ حجات زي إيه يعني مثلا
مازال لا يملك الجرائة ليخبرها بماضيه الذي لا يتقبله هو حتى الآن يخشى أن تتغير نظرتها فيه أو تبغضه وتفقد ثقتها فيه يخشي من شيء لا يعرف تحديدا ماهو ولكن هناك صوت بقلبه يلح عليه بأن الأفضل أن تظل الحقيقة غامضة لفترة أخرى .
هتف بنفي وابتسامة متصنعة
_ لا خلاص متشغليش بالك سؤال ملوش لزمة
تنهدت بعمق ومسكت بكفه تضمه بين يديها الناعمة وتهمس برزانة ونظرات عاشقة
_ زين أنا حاسة إنك مخبي عني حاجة من وقت ما روحنا بيت العيلة وقولتلي إن في حاجة حصلتلك وبعدين باباك اخدكم لبيت منفصل وزي ما حاسة بده حاسة كمان إنك خاېف ماتقولي بس صدقني أي كان الشيء ده عمره ما هيقدر يقلل من حبي ليك .. إنت سندي وحبيبي وجوزي ومفيش حاجة هتقدر تفرقنا عن بعض وزي ما تخطينا صعاب كتير من بداية جوازنا وعلاقتنا هنتخطى كل حاجة جاية كمان ووقت ما تحس نفسك حابب تتكلم أنا موجودة .. متخفش أنا معاك ومش هسيبك
لا يمكنها أن تكون بكل هذا التفهم والحكمة وهي تعرف أني اخفي شيء عنها كيف تفعلها !! كان يسأل نفسه بذهول من ردها عليه ورزانتها وتلقائيا وجد ابتسامته تخرج لشفتيه بدون أذن وتستقر في عيناه نظرة عاشقة فهي كالملاذ حقا الذي ارسله الله له لكي يحتمي به ويجد فيه الراحة والسکينة والحب والتفاهم كما كان يبحث عنه .. اقترب منه وقبل جبهتها هامسا بنبرة حانية
_ بحبك ياملاذي
قررت أضفاء القليل من المرح على جلستهم فأجابته بمداعبة
_ عارفة قولتلي كدا أول إمبارح
فهم مداعبتها فضحك بخفة وغمغم غامزا بحب
_ وفيها إيه ! نقول تاني وتالت ورابع وعاشر كمان .. ولا إنتي عندك اعتراض !
تقول اللي عايزه ياقلب ملاذك
مالت شفتيه لليسار في لؤم واعجاب بتدللها عليه لتلمع عيناه بوميض فهمته جيدا وهب واقفا وحملها على ذراعيه متجها بها نحو الداخل وهو يقول بابتسامة عريضة
_ طالما كدا يبقى هقولك حاجة سر جوا
تعلقت برقبته ضاحكة وقالت بتذمر وهي تزم شفتيها للأمام
_ زينو إنت مش هتخرجني ولا إيه اتفسح !
اجابها بتصنع الجدية كامتا ابتسامته
_ كل دي فسح ومش عجباكي
_ والله !! هي فين الفسح دي بقى !
_
كان طاهر بمكتبه في المنزل يباشر بعض أعماله على حاسوبه النقال الخاص به فدخلت عليه زوجته وهي تحمل بيدها كوب الشاي الذي طلبه منها وتضعه أمامه على سطح المكتب هامسة بتردد
_ طاهر عايزة اتكلم معاك شوية
أجابها وهو مازال يعلق نظره على شاشة الحاسوب أمامه
_ قولي خير !
أخذت نفسا طويلا واخرجته زفيرا متهملا متمتمة بثبات بسيط
_ يسر اتكلمت معايا في موضوع السفر و.....
قاطعها بحدة ونبرة حازمة
متابعة القراءة